الاعجاز العلمي في القران .والى الارض كيف سطحت ! أليست الأرض كروية؟
{ وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ }
لعل هذه الآية “والى الارض كيف سطحت” وآيات اخرى على نفس النسق تُعدّ من الآيات التي أرهقتني وحيرتني ولربما حيّرت الكثيرين مثلي لزمن طويل، فهي تبدو وكأنها تغاير العلم الحديث وما تعلمناه في المدارس عن حقيقة كروية الأرض، وقد استُغلّ الموضوع بشكل كبير من المشككين ولربما أضلوا به الكثير وهذا بالفعل ما دفعني للتعمق بالموضوع وكتابة هذه المقالة بعد أن قرأت مقالة أحدهم. على ما يبدو فإن هناك حقيقة علمية وراء كل هذه الآيات أغفلها العلم الحديث وبالتالي جعلنا لا ندرك واقعها، فقد كتب فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي “ان القرآن كلام الله المتعبد بتلاوته إلى يوم القيامة، ومعنى ذلك أنه لا يجب أن
يحدث تصادم بينه وبين الحقائق العلمية في الكون لأن القرآن الكريم لا يتغير ولا يتبدل ولو حدث مثل هذا التصادم لضاعت قضية الدين كلها. ولكن التصادم يحدث من شيئين؛ عدم فهم حقيقة قرآنية أو عدم صحة حقيقة علمية. فإذا لم نفهم القرآن جيدا وفسرناه بغير ما فيه حدث التصادم، وإذا كانت الحقيقة العلمية كاذبة حدث التصادم”. تالياً الآيات المتشابهة في النسق والمعنى:- { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ فِرَٰشاً وَٱلسَّمَاءَ بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } البقرة 22
- { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً } النبأ 6
- { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا }النازعات 30
- { وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الرعد 3
- { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } الحجر 19
- { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } ق 7
- { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ بِسَاطاً } نوح 19
- { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } الشمس 6
أما من حيث المعنى اللغوي في لسان العرب:
- السطح: ظهر البيت إِذا كان مستوياً لانبساطه؛ معروف، وهو من كل شيء أَعلاه! وسَطَحَ اللهُ الأَرضَ سَطْحاً: بسطها.
- البسط: نقيض القَبْضِ! والبِساطُ ما بُسِط.
- الدحي: الدَّحْوُ: البَسْطُ. دَحَا الأَرضَ يَدْحُوها دَحْواً: بَسَطَها.
- المهاد: الفِراش. وقد مَهَدْتُ الفِراشَ مَهْداً، المِهادُ أَجمع من المَهْد كالأَرض جعلها الله مِهاداً للعباد.
- طحاها: طَحَاه طَحْواً وطُحُوّاً: بسطه.
- الفراش: فَرَشَ الشيء يفْرِشُه: بسَطَه. وقوله تعالى: الذي جعل لكم الأَرض فِراشاً؛ أَي وِطاءً لم يَجْعلها حَزْنةً غَليظة لا يمكن الاستقرار عليها.
والى الارض كيف سطحت – الاعجاز العلمي في القرآن
تمت الاشارة الى كافة المراجع المستخدمة في هذه المقالة بروابط تؤدي الى اصل المعلومة مثل موقع تفسير القرآن الكريم، ومواقع وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، وموقع ويكيبيديا، ومواقع اخبارية ومواقع علمية أخرى ذات علاقة، بالإضافة الى موقع باحث اللغوي وذلك لكي يتأكد القارئ من صدق المعلومة. |
فالعامل المشترك بين الفراش والمهاد والسطح والبساط هو انها اشياء توضع فوق “الأرض” لتوفير الغاية المطلوبة، بينما يختص فعل الدحي بالمد والتوسع. أما تفسير الآيات في كتب التفسير فهو غامض بعض الشيء، فتفسير { وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } في كتب التفسير: “جبل مُسَطَّح: إذا كان في أعلاه استواء” وأيضاً في الآية الكريمة: { وإلى الأرض كيف بُسطت } في كتب التفسير: “جبل مُسَطَّح إذا كان في أعلاه استواء”، أماتفسير { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } يعنـي “والأرض دحوناها فبسطناها، … وذُكر لنا أن أمّ القرى مكة، منها دُحيت الأرض”، وهنا تكمن نقطة البداية لتفسير الآيات! وهذا ما سنوضحه … الآن!
والى الارض كيف سطحت – سورة الغاشية
يُجمع العلم الحديث على أن الكرة الأرضية تكونت من مخلفات انفجار سابق لنجم كبير في حدث يسمى الـ سوبر نوفا وتكونت الكرة الأرضية والكواكب الصلبة نتيجة تجمّع مخلفات الانفجار (الكويكبات الجنينية أو الكِسف) كما بيّنا في مقالتنا ما هي الخنس؟ الجوار الكنس؟، عملية الاصطدام والتجمع نتج عنها تحول طاقة الحركة الى حرارة وبالتالي؛ ولد كوكب منصهر اسمه الأرض وكان شكله كروي الى ما يقارب درجة الكمال. ثم أنزل الله الماء على سطح هذا الكوكب “بقدر” كما بيّنا في مقالتنا كيف أنزل الله الماء بحيث اصبحت الكرة الأرضية مغمورة بالكامل بالماء! وهنا يبيِن لنا الحديث النبوي الشريف والذي صُنِّف كـ غريب وذلك لغرابة موضوعه بأن الكرة الأرضية كانت مغمورة بالكامل بالماء ثم بزغت قطعة صخرية حيث توجد الكعبة الآن:
روي عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوله: كانت الكعبة خشعة على الماء فدحيت منها الأرض, والحديث ذكره الهروي في غريب الحديث كما ورد حديث مشابه أخرجه الطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ موقوفا عليه: أنه ـ أي البيت الحرام ـ كان أول ما ظهر على وجه الماء عند خلق السماوات والأرض زَبدة ـ بفتح الزاي, أي كتلة من الزَبد ـ بيضاء فدحيت الأرض من تحته.ومثله “أول ببيت ظهر على وجه الماء عند خلق السموات والأرض خلقه الله تعالى قبل الأرض بألفي عام وكانت زبدة بيضاء على الماء فدحيت الأرض من تحتها“
أي ان مكة كانت النقطة التي توسعت منها الرقعة الأرضية فوق سطح الماء والتي سماها العلماء في آخر مراحلها بـ بانجيا أو القارّة الأم والتي بالتالي تشققت وانقسمت الى القارات التي نعرفها اليوم وقد وصفها لنا تعالى في سورة عبس 26 { أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً } * { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً } * {فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } * { وَعِنَباً وَقَضْباً } * { وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً } * { وَحَدَآئِقَ غُلْباً } فكان فعل صب الماء في البداية تم تبعه فعل شق الأرض الموضح في الصورة التشبيهية التالية حيث تغطي اليابسة حالياً 29% من سطح الأرض بينما تغطي المياه 71% من سطحها.
وبالتالي فإن الكلمات “سطحت” و “دحاها” و “مددناها” و “بسطها” و “فراشاً” و “مهادا” و “طحاها” ليس لها علاقة بشكل الأرض أو بكرويتها وإنما تتعلق بطريقة تشكُّل وتوسع اليابسة فوق “سطح الماء” والتي اصبحت “مهداً” و “فراشاً” يصلح لنشأة للحياة البرية وبالتالي نحن؛ فجعلها الله مِهاداً للعباد.
جبل مُسَطَّح: إذا كان في أعلاه استواء
في علم الجيولوجيا، تم تصنيف الجبال حسب طريقة تكونها الى الجبال المطوية folded mountains والجبال البركانية volcanic mountains وجبال مناطق الصدع fault-block mountains، وبعد البحث، تبين أن هذه الجبال ليس لها استواء في اعلاها. مما دفعني للبحث تحت سطح الماء فتبين ان هناك نوع واحد من الجبال البركانية تسمى Guyot كما هو مبين في الصورة التالية يتكون في أعلاها استواء بسبب عوامل التعرّي الناتجة عن اصطدام الأمواج بالحمم البركنية عند وصولها الى سطح الماء. نعم، جبل مسطح: إذا كان في أعلاه استواء، فهكذا سطحت الأرض ومن ثم مد الله الأرض وأوسعها ثم شقها! والتي لا يمكن مدّها وشقّها الا بوجود باطن منصهر وحركة في قشرة الأرض كما بينّا في مقالاتنا أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا و وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ. فكيف لـ محمد؛ صلى الله عليه وسلّم؛ أن يأتي بما لم يعلمه انسان من قبل ويحاجج به حتى علماء اليوم، فالعلماء في يومنا (2013) لا يرون بأن الأرض كانت مغمورة بالكامل بالماء، وانما كانت هناك كتلة واحدة منذ البداية فوق سطح الماء تشققت فيما بعد الى القارات التي نعرفها اليوم!
والآن، هل اصبحت الآيات التالية أوضح؟ { وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } الرعد 3، 4.
الجميل في هذا الموضوع هو دقة الوصف للجزيرة (مكة) والزبد الابيض على سطحها؛ وهي مادة من حيث الصلابة ما بين الطين والصخر أقرب الى الزبدة التي نستخرجها من الحليب. هذه عظمة هذا الدين، فنحن نسلِّم بكل ما ورد في كتاب الله وما ورد عن رسوله الأمين، فكل كتب التفسير ورد بها نفس التفسير “جبل مسطح إذا كان في اعلاه استواء!” والكل سلّم به ولأكثر من 1400 سنة دون أي تردد، وها نحن في عصرنا بدأنا نفهم الصورة الكاملة، { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ } الحج 26
وصفت سورة الغاشية حال مجموعتين من الناس بعد الحساب:
المجموعة الأولى: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } * { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } * { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } * { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } * { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } * { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ }
الفئة الثانية: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } * { لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } * { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } * { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } * { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } * { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } * { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ }
فمن آمن بالله ولم يشرك به وعمل صالحا، ضمن أن يكون من المجموعة الثانية.
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
بقلم: حسين أحمد كتّاب
لمزيد من المقالات، انقر هنا
المراجع:
قمنا باستخدام الروابط ضمن المقالة للرجوع الى اصل المعلومة المستخدمة، كما وقمنا باضافة المراجع المدرجة ادناه ذات الدلالة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق