حوار بين فتاتين...
همست في أذن صاحبتها فقالت:أيتها الحبيبة..خلة صافية..وصحبة زلالية
ووشيجة قوية..كل هذا يربطنا أيتها الغالية ..ولكنني أستغرب كل الاستغراب
من حالك وسلوكك..فلا أراك قد أخذت بحظك من الحياة الجديدة..حياة التمدن..
حياة الفتاة المعاصرة..كيف وأنت الفتاة الجامعية ما زلت ترتدين الحجاب؟!!
وما زلت تعيشين مع الماضي التليد !!إننا لفي ذهاب وإياب من السوق إلى حيث
نشاء ..من زميلة إلى أخرى..ولنا في كل جديد ينزل في السوق نصيب وغنيمة..
أما أنت ..قاطعتها قائلة:أما أنا فلست في هذا كله ولكن..أتريدين مني وأنا المسلمة
العفيفة الطاهرة أن أقتدي بأولئك الحثالة من البشر؟؟!!!..أم تبتغين مني أن أسابق
السخيفات في متابعة الأزياء؟؟أم تطلبين مني أن أجعل مثلي الفذ وقدوتي هو فنانة
ساقطة أو ممثلة هابطة تهدم الأخلاق وتفسد البيوت..؟؟
أختي العزيزة مع ادخاري لك الود والاحترام الجميلين أقول من أعماق فؤادي...
أختي الكريمة مثلك لا يخدع بثل هذه الخزعبلات التي قالها أعداؤك في ثوب
قشيب ..يريدون منك أن تخلعي الحجاب وأن تسايري الرجل في عمله وأن يكون
همك هو الأزياء ومتابعة الفن الرخيص.. بعد ذلك تحققين مطلبهم..فلا أنت حفظت
بيتك ولا أنت حصلت على زوج يحفظك من السوء ولا أنت التي تمسكت بدينك القويم
الذي هو عزك في الدنيا والآخرة..وإنما خرجت من هذه الدنيا بسخط الله ورضا عدوك..
وتعاسة حياتك ..لأن الحياة السعيدة في مرضاة الله ومن قال غير ذلك فقد ضل الطريق..
(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى...)
أختي كلمات حارة أرسلها لك عبر الأثير...أنت قائدة الجيل..مربية النشء..مدرسة يتخرج
منها الرجال..فمن خرج أمثال صلاح الدين؟ومن ربى أحمد بن حنبل ؟ومن أوصل ربيعة
الرأي إلى مكان مرموق يحسده عليه أترابه؟؟وكم أتمنى لو قرأتِ قصة هذا البدر المضيء
في تاريخنا لتعرفي أين مكانك يا أختاه..
نعم إنك أنت المدرسة الأولى..فإذا تخرج ولدك على معرفة الإسلام وفهمه وتطبيقه فحسبك
شرفا ورفعة وذكرا في الدنيا والآخرة..وإخال حافظ قد سبقني إلى هذا المعنى فقال:
الأم مدرسة إذا أعددتها---------أعددت شعبا طيب الأعراق
قاطعتها قائلة:على رسلك أخية ..إنك مسكينه..مازلت تعيشين بأفكار قديمة والناس تسير
إلى الأمام ..وإلى الحياة الجديدة بلا تعقيد ..وبحرية مطلقة..وإني أستأذنك فإني على موعد مهم..
خرجت وتركت صاحبتها فاطمة تفكر في تصرفاتها وموقفها الحاد..وتمر الأيام سريعة ويأتي
الخبر كالصاعقة ..إن الفتاة الجريئة على حدود الله المستهزئة بصاحبتها ترقد على السرير
الأبيض..فاطمة تراجع نفسها..وتأخذ عنوانها لتزورها في المستشفى ...
سلمت عليها وهشت وبشت في وجهها..قالت أمل في نفسها: من هذا الوجه المضيء الذي جاءني
في هذه الساعة؟ إنها صاحبتها الوفية..إنها فاطمة..ردت السلام عليها بأحر وأقوى ما لديها...
سألتها ما الأمر وما الخطب..؟ قالت: كنت مع السائق ذاهبة إلى بعض حاجتي وحصل لنا حادث
كان من نتاجه ماترين..ساقي وقد انكسرت وآمالي وقد تحطمت..أتدرين ماذا كان يدور بخلدي
من ساعة الحادث إلى هذه الساعة؟؟
قالت:لا أدري..
قالت بأدب جم ووجه بشوش وهدوء بديع..إنها كلماتك الحارة المشرقة..كلمات ما أظن أني
سمعت بأجمل منها منذ عرفت الزميلات ..وإنما هي مجاملات ومهاترات ..وكأنك بهذه الكلمات
قد أنقذتني من بحر لجي لا ساحل له كدت أغرق فيه..
ردت فاطمة ..بشرى خير ورحمة وأرجو أن يعجل الله بشفائك وتعودي للبيت امرأة أخرى..
ثم استأذنت منها وافترقتا على أمل لقاء آخر..
وتمر الأيام ..وذات مرة تفاجأ فاطمة وقد رأت وهي داخلة المدرسة إعلانا عن محاضرة بعنوان:
(العودة إلى الله يا فتاة الإسلام) تقام في إحدى مدارس البنات ولم يكن ذلك غريبا..
وإنما الغرابة بدت على وجهها عندما رأت أن المحاضرة أمل صاحبتها..
عندها دعت لها بالتوفيق والثبات...وكانت ..مشعلا آخر يضيء..يهدي.. ويعطي الكثير مما استقاه من مشكاة النبوة...
منقول..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق